إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

681 ـ الإمام الشافعيّ (150 ـ 204 هـ) = (767 ـ 825 م)

محمد بن إدريس بن العبّاس بن عثمان بن شافِع، الهاشميّ القرشيّ المطلبيّ المكّي، أبو عبدالله. أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة. ولد في غزة (فلسطين) وحُمِل منها إلى مكة وهو ابن سنتَين. أقبل علي الرمي حتى فاق فيه أقرانه، ثم حُبب إليه الفقه، فساد أهل زمانه، كان شاعراً أديباً فقيهاً عالِماً بالقراءات. حفِظ القرآن كله بمكة في سن السابعة، وحفِظ موطأ الإمام مالِك في سِن العاشرة. اختلط بقبائل هُذيل الذين كانوا أفصح العرب، فاستفاد منهم وحفظ أشعارهم، وتلقي الشافعي فقه مالك علي يد مالك، وتفقه بمكة علي شيخ الحرم ومفتيه مسلم بن خالد الزنجي، وسفيان بن عيينة الهلالي وغيرهم من العلماء. أفتى وهو ابن عشرين سنة. وعُرف بحدة الذكاء. رحَل إلى اليَمن ليتولى منصباً جاءه به مصعب بن عبدالله القرشي قاضي اليمن. وزار بغداد مرّتَين، وقصَد مِصر سنة 199 هـ وتوفي بها. مِن كُتُبه: "الأم" في الفقه (سبعة مجلدات)، و"المسند" (في الحديث)، و"أحكام القرآن، و"السُّنَن"، و"الرسالة" في أصول الفقه وغيرها. وقد أصبح الشافعي إماماً له مذهبه المستقل ومنهجه الخاص به. وقد رتب الشافعي أصول مذهبه كالآـي: كتاب الله أولاً وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم، ثم الإجماع والقياس والعرف والاستصحاب، وقد دون مذهبه بنفسه.

ومن أقواله: العلم ما نفع، ليس العلم ما حُفظ، الانقباض عن الناس مَكْسَبَة للعداوة، والانبساط إليهم مَجْلَبَة لقرناء السوء، فكن بين المنقبض والمنبسط.

ولما دخل المِزني علي الإمام الشافعي في مرضه الذي مات فيه وسأله كيف أصبح؟ رفع الشافعي رأسه وقال: أصبحت من الدنيا راحلاً، ولإخواني مُفارقاً، ولسوء عملي ملاقياً، وعلي الله وارداً، ما أدري روحي إلي جنة فأُهنيها، أو إلى نار فأُعزيها، ثم بكي، وأنشأ يقول:

ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي

جعلت رجائي دون عفوك سُلَّما

تعاظمني ذنبي فلما قرنتُه

بعفوك رَبِّي كان عفوك أعظما

فما زِلتَ ذا عفوٍ عن الذنب لم تزل

تجود وتعفو منه وتكرماً

فإن تنتقم مني فلست بآيسٍ

ولو دخلت نفسي بجرمي جهنما

ولَولاك لم يُغْوى بإبليسَ عابدُ

فكيفَ وقَــد أغــوى صفِيَّك آدما

وإني لآتي الذَّنب أعرِِفُ قَدْرَهُ

وأَعْلـَمُ أنَّ الله يعفُـو تَرَحُّما